من رعية إلى مواطن: نصوص حول الديمقراطية والمشاركة المحلية

٦ الاتحادات والغرف المهنية

الاتحاد المهني هو تجمّع لأصحاب قطاع معين من المهن يهدف لتمثيل و دعم مصالحهم. خلافاً للنقابات التي تمثل مصالح موظفي الشركات، تضم الاتحادات المهنية في أغلبها أصحاب المهن الحرة. قد تضم الاتحادات الكبيرة اتحادات فرعية أو محلية (الاتحاد الوطني، اتحاد المحافظة، اتحاد البلدية) أو اختصاصية (اتحاد الأطباء العموميين، اتحاد أطباء الأسنان، اتحاد أطباء العيون). وقد يكون لمهنة معينة عدة اتحادات تتخذ مواقف متعارضة. خلافاً للجمعيات العادية، هناك شروط شكلية لقبول الأشخاص في الاتحادات المهنية، فعليهم إثبات امتلاك مؤهلات علمية مناسبة للمهنة المعينة أو ما يعادلها من الخبرة المهنية. ويمكن لمن لا يزال يتلقى التعليم المهني أيضاً أن يصبح عضواً في اتحاد مهنته، وإن كان في إطار عضوية محدودة أحياناً.

يعتمد التمويل الذاتي للاتحادات المهنية على اشتراكات الأعضاء والتبرعات في الدرجة الأولى، وكذلك على تقديم خدمات خاصة لكل مهنة (مثل دورات تأهيل، أو مواد عمل) مقابل رسوم مالية. وتعتبر الاتحادات المهنية نفسها ملتقى يمكن فيه طرح القضايا التي تخص المهنة ومناقشتها وحلها. كما تقدم لأعضائها امتيازات مثل أفضلية التزويد بمعلومات لها صلة بالمهنة أو تنظيم دورات للتأهيل المهني الإضافي. وعلى غرار الأحزاب والجمعيات، تتوفر إمكانية المشاركة في الاتحادات المهنية أيضاً، فيمكن للأعضاء المشاركة بالعمل داخل الاتحاد وتولي المناصب التطوعية فيه.

مهمة الاتحادات المهنية عند التوجه للرأي العام هي توحيد عدد من المواقف غير المتجانسة لأصحاب مهنة معينة وترجمتها إلى أهداف ومطالب سياسية خاصة بالمهنة، لتمثيل هذه المطالب بشكل علني أمام أصحاب القرار السياسي، متنافسةً في ذلك مع اتحادات أخرى تمثل مصالح مختلفة. ويستفيد من ذلك السياسيون أيضاً، حيث يمكّنهم ذلك من معرفة المصالح الرئيسية لعدد كبير من أصحاب مهنة معينة ومراعاة ذلك في تصرفهم السياسي.

الغرف

إلى جانب اتحادات المهن هناك في بعض البلدان نظام الغرف (مثل غرفة الأطباء، غرفة الصيادلة، غرفة الحرفيين). يخدم عمل الغرف التنظيم الذاتي المهني مثل الاتحادات المهنية، بل أكثر منها. الفرق بين المؤسستين يكمن أولاً في إلزامية عضوية أصحاب «مهن الغرف» في غرفتهم كشرط لممارسة مهنتهم، وثانياً في تولي الغرف مهام إضافية أوكلت إليها من قبل الدولة، منها إعداد أنظمة للرسوم المالية، ومراقبة ممارسة الأعضاء لمهنتهم بشكل نظامي، وقبول ومعالجة شكاوى الزبائن أو المرضى، وتسوية الخلافات بين أصحاب المهنة أو بينهم وبين آخرين. ميزة هذا النظام هي أن الدولة توكل أطرافاً ثالثة بتولي مهام معينة، اعتقاداً منها أن الغرف أكثر تأهيلاً للقيام بذلك من الدولة، مع العلم أن هذا النموذج يتعرض للنقد أيضاً لأن الغرف تقوم بدور مزدوج قد يتسبب في تضارب المصالح، حيث يتوجب على الغرف تمثيل مصالح فئة مهنية معينة من ناحية، و تسوية الخلافات التي تنشأ بين هذه الفئة وأطراف أخرى من الناحية الأخرى.

تنزيل

٧٧٨ كيلوبايت PDF